اشتقت إلى أن أكون طفلاً
اشتقت إلى أن أتحرر من هموم الحياة
اشتقت إلى أن يكون أكبر همي
أن لا تفوتني فترة الرسوم المتحركة
اشتقت إلى أن لا أحمل هم المستقبل
ولا أعرف من حياتي إلا الآن وكيف أستمتع به
اشتقت إلى أن لا أفهم ما هي السياسة
وما هي أمريكا وإسرائيل والقنابل النووية
اشتقت إلى أن أنام عندما أحتاج للنوم
وأستيقض عندما أمل النوم
اشتقت إلى أن أنام في أي مكان
فأشعر بحركة مفاجأة
ثم أفتح عيني
فأرى السقف يمشي
لأعلم أني بين يدي والدتي الحنونة
تنقلني إلى المكان المخصص للنوم
اشتقت إلى أن أبكي عندما أحتاج للبكاء
وأن أعبر عن حزني بغزير الدموع
وأتدلل بها للحصول على ما أريد
اشتقت إلى أن ألهو كثيراً وألعب
ولا أحد يلومني أو يعتب
اشتقت إلى أن أتسمر في الصباح الباكر عند التلفاز
أراقبه قبل أن يبدء البث
أستمع للسلام الملكي
ثم القرآن بصوت الشيخ خياط رحمه الله
حتى يحين موعد الرسوم المتحركة
اشتقت إلى أن أترقب بشوق قدوم خالتي الحبيبة
التي لا تأتي من سفر إلا محملة بالهدايا والحلويات
اشتقت إلى أن أعود للمنزل فرحاً مسروراً
لأن معلمتي وضعت لي نجمة على دفتري وكتبت لي ممتازه
اشتقت إلى أن لا أفهم معنى الحقد والحسد والمكر
اشتفت إلى أن أرى البيوت وإن صغرت كبيرة
والأماكن وإن ضاقت فسيحة
اشتقت إلى أن لا أحمل هم غلاء الأسعار
ولا بكم أصبح اليوم كيلو الخضار
اشتقت إلى أن أفرح أشد الفرح بالحصول على "دينار"
وأقف به محتاراً في البقالة أي نوع من الحلويات أشتري
اشتقت إلى أن أتعجب عند رؤية الحيوانات لأول مرة
وأفرح بحجم الدنيا عندما أذهب لمدينة الملاهي
اشتقت إلى أن لا أحمل هم آخر الشهر
وسداد الفواتير والأقساط وتأمين متطلبات المنزل
اشتقت إلى أن لا أعرف قراءة الأخبار المحزنة
ولا يشدني من الصحف إلا صور الرسومات والكاريكاتير
اشتقت إلى أن لا أعرف معنى القتل والاختطاف والموت
وعندما أرى حيواناً ميتاً أتسائل لماذا تراه لا يتحرك !
.....
اشتقت إلى أن أكون طفلاً
أكبر همي
أن لا تفوتني فترة الرسوم المتحركة !
...........