فضــــــائل التوحيــــــــد
حاجة العبد إلى التوحيد
فعلم أن حاجة العبد إلى أن يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئا في محبة، ولا في خوف ، ولا في رجاء ، ولا في توكل عليه، ولا في الحلف به ، ولا في النذر له،ولا في خضوع له ، ولا في التذلل والتعظيم والسجود والتقرب أعظم من حاجة الجسدإلى روح ، والعين إلى نورها ، بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به ، فإن حقيقة العبد روحه وقلبه ، ولا صلاح لها إلا بإلهها لا إله إلا هو.(طريق الهجرتين وباب السعادتين،99)
التوحيد دعوة الأنبياء والرسل وهو أول الأمر وآخره
التوحيد أل دعوة الرسل، وأول مانزل الطريق ، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله تعالى، قال تعالى:{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِۦ فَقَالَ يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُۥٓ إِنِّىٓ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍۢ.} الأعراف 59.،وقال هود لقومه: { ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُۥٓ}،وقال صالح لقومه: {ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُۥٓ}، وقال شعيب لقومه: {ٱعْبُدُوا ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُۥٓ} ،وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍۢ رَّسُولًا أَنِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُوا۟ ٱلطَّـٰغُوتَ} (النحل:36)
فالتوحيد مفتاح دعوة الرسل: ولهذاقال النبي صلى الله عليه وسلم لرسوله معاذ ابن جبل رضي الله عنه وقد بعثه إلى اليمن َ"إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله وحده فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة" وذكر الحديث وقال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم "
فالتوحيد أول ما يدخل به في الإسلام وآخر ما يخرج به منه من الدنيا كما قال النبيصلى الله عليه وسلم " من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة" ،فهو أول واجب وآخر واجب فالتوحيد أول الأمر وآخره.(مدارج السالكين:444/3).
التوحيد أول ما يدخل به في الإسلام وآخر ما يخرج به من الدنيا إلى الله .
قال تعالى:{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادًۭا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ ۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَشَدُّ حُبًّۭا لِّلَّه} (البقرة 165)، وأصح أن المعنى يحبونهم كما يحبون الله ،وسوٌُوا بين الله وبين أندادهم في الحب. ثم نفى ذلك عن المؤمنين فقال : {وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَشَدُّ حُبًّۭا لِّلَّه}(البقرة 165). فإن اللذين آمنوا وأخلصوا حبهم لله لم يشركوا به ومعه غيره، واما المشركون فلم يخلصوا لله.
والمقصود من الخلق والأمر إنما هو هذه المحبة ، وهي أول دعوة الرسل ، وآخر كلام العبد المؤمن الذي إذا مات عليه دخل الجنة واعترفه وإقراره بهذه المحبة وإفراد الرب تعالى بها ، فهو أول ما يدخل به في الإسلام ، وآخر ما يخرج به من الدنيا إلى الله ، وجميع الأعمال كالأدوات والألات لها ، وجميع المقامات وسائل إليها ، وأسباب لتحصيلها وتكميلها وتحصينها من الشوائب والعلل" (طريق الهجرتين وباب السعاديتن :442)
التوحيد مفتاح الجنة
وهي الكلمة التي قامت بها الأرض والسماوات ، وفطر الله عليها جميع المخلوقات ، وعليها أسست الملة ونصبت القبلة، وجردت سيوف الجهاد ، وهي محض حق الله على جميع العباد، وهي الكلمة العاصمة للدم والأموال وألأاولاد والذرية في هذه الدار ، والمنجية من عذاب القبر وعذاب النار ، وهي المنشور الذي لا يدخل أحد الجنة إلا به ، والحبل الذي لا يصل إلى الله من لم يتعلق بسببه ، وهي كلمة الإسلام ، ومفتاح دار السلام ، وبها تقسم إلى شقي وسعيد، ومقبول وطريد، وبها إنفصل دار الكفر من دار الإيمان ، وتميزت دار النعيم من دار الشقاء والهوان ، وهي العمود الحامل للفرض والسنة،.و " من كان آخر كلا مه لا إله إلا الله دخل الجنة".( الجواب الكافي :196)
ولما كان الشرك أعظم الدواوين الثلاثة عند الله عز وجل حرم الجنة على أهله ، فلا تدخل الجنة نفس مشركة ، وإنما يدخلها أهل التوحد فأن التوحيد هو مفتاح بابها ، فمن لم يكن معه مفتاح لم يفتح له بابها ، وكذالك إن أنى بمفتاح لا أسنان له لم يمكن الفتح به .( الابل الصيب : 41.)